فيلم وثائقي عن الطفولة في نويشتات

Der Filmemacher Conrad Winkler
Der Filmemacher Conrad Winkler studiert an der Hochschule für Fernsehen und Film in München. Für seine Abschlussarbeit plant er eine Dokumentarfilm über Kindheit in Halle-Neustadt. ©Sohalski

رغم حداثة مسيرته، لا يُعتبر المخرج الشاب كونراد فينكلر (Conrad Winkler) اسماً جديداً في عالم السينما.
فقد سبق أن انتقل إلى حي تروتا (Trotha) من أجل تصوير فيلمه الوثائقي أطراف المدينة – Stadtrand”،
الذي حصل على جائزة في مهرجان لايبزيغ للأفلام القصيرة “Kurzsüchtig”، وعُرض لاحقاً على قناة MDR الألمانية.

اليوم، يعود هذا الطالب في أكاديمية ميونخ المرموقة للسينما والتلفزيون إلى حيه الأصلي هاله نويشتات، لتصوير فيلمه التخرّجي.
فما الذي يُخطط له كونراد هذه المرة؟
ولماذا كانت نزهة على جانب الطريق الشرارة بولادة فكرة هذا الفيلم الجديد؟

تُعَدّ كتابة بحث التخرج النهائي بالنسبة للطلاب غالباً تحدياً يبدو وكأنه لا يمكن التغلب عليه، وهو تحدٍّ يفضّل الكثيرون تأجيله. أما كونراد فينكلهر فلم يكن عليه من أجل تخرجه أن يملأ الصفحات، بل أن يقدّم برنامجاً مسائياً.

في العام الماضي انتقل فينكلهر في إطار بحثه إلى “هاله-نويشتات”، وكان بالكاد قد احتكّ بهذا الحي من قبل، إذ أنه لم يعرف “نيوشتات” إلا من خلال دروس السباحة.

كان لديه اهتمام بالمكان، لكن الفكرة لم تكن واضحة في ذهنه . فـ”نويشتات” بالنسبة له محمّلة بصور متناقضة – بين الاشتراكية من جهة، والصورة كمنطقة اجتماعية مهمشة من جهة أخرى. وهكذا بدأ يشكك في مشروعه. لكن دافعاً حاسماً جاءه بمحض الصدفة في صيف العام الماضي، عندما شاهد بعض الأطفال في حديقة زود بارك وهم يقيمون نزهة صغيرة على شريط عشبي ضيق أمام بيتهم، دون وجود أي بالغين: لحظة من الخفة والعفوية.

رأى فينكلهر في هذا المشهد جسراً إلى البدايات، حين كانت “هاله-نويشتات” مدينة شابة وغنية بالأطفال. حيث يقول: « بطريقة ما كان الوصول العاطفي من خلال هذه الصورة حاضراً منذ البداية، وفكرت: من المنطقي جداً الآن أن أنظر في نويشتات إلى الأطفال. كيف يعيشون اليوم في الحي؟ وماذا يصنعون منه؟».

من التدريب العملي إلى اختيار الشخصيات


تم العثور على المادة لفيلم كان فينكلهر يودّ أن يشاهده بنفسه في السينما – وهو بالنسبة للمخرج فرصة جيدة لمشروع واعد. ومن أجل العثور على شخصيات فيلمه، قام فينكلهر بالتدرّب والمشاركة في مؤسسات مختلفة للأطفال والشباب، حيث قضى هناك الكثير من الوقت، ساعد، عمل، أنجز مشاريع إذاعية وسينمائية مع الأطفال، وأجرى في الوقت نفسه اختبارات التصوير الخاصة به. وخلال ذلك راقب الأطفال عن كثب: من يتمتع بجاذبية خاصة؟ مع من يمكن العمل؟ وفي النهاية اختار أربعة أطفال لفيلمه: فتاتان وولدان – من أربع جنسيات مختلفة.

العمل مع الأطفال بالنسبة له مصدر إلهام، ولكنه أيضا تحدٍّ كبير. فالأطفال أكثر انفتاحاً بكثير، لكن العمل معهم يتّسم بالعفوية، وهو أقل قابلية للتخطيط، ويستلزم الانخراط الكامل – في اللحظة وفي شخصية الطفل. أما إقناع الأهل فكان يتطلب جهداً أكبر لبناء الثقة وشرح المشروع وخصوصية الفيلم الوثائقي. حيث خطط لمرافقة العائلات لفترة طويلة، فلقد كان من المهم التعارف عليهم، ليكون عمله شفافاً، وتعويدهم على وجود الكاميرا.

في النصف الثاني من العام يُفترض أن تبدأ عمليات التصوير. وقد خُصّص لذلك عشرون يوماً، يتم اختيارها بمرونة، إذ يرغب فينكلهر في التقاط مشاهد طبيعية من الحياة اليومية للأطفال. لكن من الممكن أيضاً إدخال بعض المحفّزات الفكرية أو المهام الصغيرة، التي يوجّه من خلالها الأطفال للتفاعل مع المكان، وفي الوقت نفسه إبراز مواهبهم الخاصة. فمثلاً يمكن تحريك رسومات الأطفال بواسطة الذكاء الاصطناعي، أو تكثيف تسجيلات صوتية فردية في تركيب سمعي مشهدي.

وما إذا كانت هذه الأفكار سوف تثمر أم لا، فلن يتّضح إلا خلال عملية التصوير، وفي أقصى حد أثناء المونتاج.

يقول فينكلهر: «الفيلم الروائي أشبه بالديكتاتورية، أما الفيلم الوثائقي فهو أقرب إلى الديمقراطية». فالفيلم الوثائقي عملاً جماعياً يتطور بشكل حواري من داخل العملية ذاتها، وهو أخذ وعطاء. لكن ماذا ستأخذ الشخصيات من الفيلم معهم؟

«هاله-نويشتات فضاء للحياة وليس بؤرة مشكلات»


تُعَدّ “هاله-نويشتات” مادة مفضلة للمشاريع الإعلامية – حالة من المجيء والذهاب المستمر. فقد حقق العام الماضي تقرير لـ”شتيرن-تي في” عن هاله-نويشتات ملايين المشاهدات. غير أن الصورة الأحادية التي رسمها الفيلم الوثائقي عن “نيوشتات” علقت في أذهان الناس – حتى في أذهان أولئك الذين يعيشون هنا. لكن عمل فينكلهر لن يكون فيلماً دعائياً عن الحي. فهو يريد تسمية المشكلات، لكن من دون إعادة إنتاج الصور النمطية أو ترديد إحصاءات الجريمة.

لا يريد فينكلهر أن يروي عن هاله-نويشتات فقط، بل أن يروي منها، وأن يوضح أن أبطاله أشخاصاً حقيقيين. حيث يقول: «هاله-نويشتات فضاء للحياة، وليس بؤرة مشكلات». وهو يعرف أنه بفيلمه لن يغير طريقة تفكير رواد السينما – فذلك سيكون مثالياً. لكن هدفه هو أن يحمل الفيلم إلى حياة الأطفال، وأن يثير اهتمامهم لسرد قصتهم الخاصة. وبذلك يأمل على الأقل أن يفتح باباً للإدراك الذاتي – ليس فقط للأطفال الذين يظهرون في فيلمه، بل لكل من يرى نفسه فيهم.


فيلم وثائقي عن الطفولة في نويشتات